رصد ودراسة التماسيح

الصحوة العلمية المصرية لرصد التماسيح والوحدة 07 (5) 🐊

بدأت القصة في عام 2008 عندما أصبحت وزارة البيئة هي المسؤولة عن كشف حقيقة تماسيح بحيرة ناصر وهل الوضع خطير حقاً أم مجرد ادعاءات؟

هل حقاً ازداد عدد التماسيح وازدادت وحشيتها وأكلت أسماك البحيرة؟ أم أن الوضع مختلف والتماسيح تحتاج إلى الحماية لأنها أوشكت على الانقراض.

في تلك الفترة لم يكن أحد يعمل في مجال التماسيح داخل مصر ولم تكن هناك خِبرات في هذا المجال، من أجل ذلك تواصلت وزارة البيئة مع الإتحاد العالمي لصون الطبيعة (IUCN) الذي يضم مجموعة علماء متخصصين في دراسة التماسيح.

تدريب فريق التماسيح

بالفعل جاء أحد المتخصصين من ذلك الإتحاد الدولي لتدريب مجموعة مصرية على دراسة التماسيح.

استمر التدريب لمدة شهر حيث تدربت مجموعة من باحثي المحميات الطبيعية بأسوان على أعمال رصد ودراسة التماسيح وأنا كنت واحداً منهم.

على الجانب الأخر كانت دراسة التماسيح في بحيرة ناصر موضوع كبير جداً؛ فبحيرة ناصر يصل طولها داخل الحدود المصرية إلى 300 كيلومتر، والتحدي الأكبر في ذلك هو أن متوسط طول شواطئ البحيرة 600كيلومتر.

مساحة كبيرة ولذلك في هذه الحالة لا نستطيع عمل مسح للبحيرة بالكامل، ولكن نستخدم النظريات العلمية وتحديد عينة ممثلة للبحيرة، وبعد دراسة هذه العينة تكون النتائج أقرب إلى الواقع ويمكن تطبيقها على المساحة الكلية للبحيرة.

جهَّز فريق البحث خطة لدراسة حال التماسيح ببحيرة ناصر، وملخص هذه الخطة أننا حددنا الأخوار (مصبات المياه) التي تمثل جميع البيئات المختلفة للبحيرة، ثم الرصد الليلي بالكشافات (Spotlight Night Survey) لأماكن تواجد التماسيح في هذه المناطق.

كشاف  Spotlight Night Survey
منظر 0: رصد التماسيح ليلاً

نتائج الدراسة

بناء على نتائج هذه الدراسة وفى عام 2010، تقدمنا بطلب إلى اتفاقية (السايتس CITES) وهي اتفاقية تنظيم تجارة الكائنات البرية حول العالم، وكان غرض الطلب هو نقل التماسيح من الملحق الأول إلى الملحق الثاني الذي يسمح بعملية الاستثمار في التماسيح وإنشاء مزارع لها.

استمرت الدراسة 18 شهر تقريباً، وأبرز نتائجها الرئيسية هي:

  • تقدير أعداد التماسيح بأعداد تتراوح بين 6 آلاف تمساح على أقل تقدير ولا تزيد عن ثلاثين ألف تمساح
  • أن أعداد التماسيح البالغة (طولها فوق 2.5 متر) لا تتعدى 15% من كل التماسيح بالبحيرة، أو بمعنى أخر تتراوح أعداد التماسيح ذات الأحجام الكبيرة القادرة على التكاثر بين 900 إلى 4500 على أقصى تقدير.
  • تكوين فريق مصري جاهز لدراسة التماسيح وذات كفاءة عالية.
  • إنشاء وحدة رصد ومتابعة تحت إشراف قطاع حماية الطبيعة التابع لوزارة البيئة.

ومنذ عام 2010 وحتى عام 2018 استمرت الدراسات وأعمال رصد التماسيح ببحيرة ناصر من خلال وحدة التماسيح وإجراء العديد من الأبحاث.

 ومن الأمثلة على الدراسات التي قمنا بها في تلك الفترة، دراسة تحركات التماسيح (Home Range) وتحديد نطاقها الذي يُستخدم من أجل الغذاء والتكاثر عن طريق متابعة تحركاتها من خلال أجهزة تتبع مثبته على ظهر التمساح.

مراحل أخذ القياسات المطلوبة

رصد التماسيح

أيضا من نتائج الرصد والمتابعة لأحد المناطق المحددة في بحيرة ناصر على مدى عشر سنوات تبين نقصان حاد في كثافة التماسيح بتلك المنطقة بنسبة تصل إلى 70%.

وأعتقد أن السبب الرئيسي قد يكون صيد التماسيح بهذه المنطقة من أجل بيع جلودها، حيث عثرنا على جثة تمساح مسلوخة أثناء عمليات الرصد.

تمساح صغير
منظر 6: تمساح صغير مسلوخ وجدناه أثناء الدراسة

وبشكل عام تشير النتائج إلى نقصان في أعداد التماسيح في بحيرة ناصر، الأمر الذي يستدعى تدخل جاد للوقوف على أسبابه من عدمها وتصحيح الأوضاع.

كلمة أخيرة

هناك الكثير من التفاصيل التي لا يسعني ذكرها، ولكن يجب ان أشكر كل شخص في فريق وحدة التماسيح من باحثين وسائقين وعمال ومديرين ودعم وزارة البيئة للجهود المبذولة على مدى أكثر من عشر سنوات، وأبتغي استكمال هذه الجهود حتى تكتمل خطة إدارة التماسيح، وأن تصبح نموذجاً يحتذى به في إدارة الكائنات البرية والاستفادة منها بيئياً، اقتصاديا وثقافياً.

في الموضوع القادم سنتحدث عن فكرة استثمار التماسيح بشكل اقتصادي مستدام بما لا يخل بدورها البيئي ويضمن بقائها والحفاظ عليها.

بقلم عالِم التماسيح المصري عمرو هادي عبر فيسبوك وصاغه بتصرف إلى العربية مصطفى بيرو وراجعه أحمد جمال.

اترك تعليقاً

انتقل إلى أعلى