تنفس التماسيح

سلسلة التماسيح بين الواقع والخيال، خصائص وقدرات عجيبة (1) 🐊

تدور حول التمساح -ذلك الكائن الغامض- أساطير وقصص كثيرة أغلبها خرافات وبعيدة جداً عن الواقع والحقيقة.

وبحكم عملي أكتر من 10 سنوات على التماسيح وكان المأمول أن يكون هناك خطة لإدارة التماسيح وحمايتها، وأيضاً الاستفادة منها اقتصاديا لتصير نموذج نستطيع تطبيقه على مواردنا الطبيعية الأخرى، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

وبسبب ذلك أحببت توثيق بعض المعلومات بصورة بسيطة على هيئة سلسلة من المقالات تحمل عنوان التماسيح بين الواقع والخيال وأطمح الإفادة لحضراتِكم.

نبدأ أول مقال من سلسلة التماسيح بين الواقع والخيال بعنوان خصائص وقدرات عجيبة.

التماسيح من عصر الديناصورات🐊

التماسيح من الزواحف ذات الدم البارد، فهي تعتمد على البيئة المحيطة بها لتنظيم درجة حرارة أجسامها، وتعتبر التماسيح من أقدم الكائنات على الأرض وهي موجودة منذ ٢٠٠ مليون عام، بل أكثر، لذلك يُطلق عليها اسم الحفرية الحية🦕.

جسم التمساح له قدرات رهيبة وعجيبة تساعده في التكيف والبقاء طيلة ملايين السنين لذلك فلنطلق العنان لأنفسنا ونتعرف على ذلك الكائن الأسطوري ببساطة.

كيف تتنفس التماسيح؟ 🐊

التماسيح تتنفس بالرئتين، ولكن تمتلك قدرة التحكم في أغلب العمليات الحيوية داخل جسمها وذلك يساعدها في الحفاظ على الأكسجين الموجود في الرئة، واستخدامه بهدوء، مع القدرة على كتم النفس والبقاء تحت الماء لفترة طويلة تصل لأكثر من ساعة.

التمساح أثناء وجوده في الماء يكون في وضع يسمى Minimum exposure (أقل تعرض ممكن)، بمعنى أنه لا يظهر من التمساح سوى العين والأنف والأذن، ويستطيع من خلال العين والأنف والأذن التقرب من الفريسة بدون اكتشافه مهما كان حجمه كبير لأن معظم جسمه أصبح مغموراً تحت الماء.

عيون التمساح
منظر 1: وضع أقل تعرض حيث تظهر العين والأذن والأنف فقط.

فك التمساح قوى جدا أثناء الغلق، وهو قادر على كسر عظام جمجمة أو درع سلحفاة، ولكن ضعيف جداً أثناء الفتح لدرجة أن تمساح طوله أكبر من مترين يمكن أن تغلق فكه باستخدام شريط لاصق أو أي رباط ضعيف.

فك التمساح موجود عليه من الخارج بقع سوداء نُسميها خلايا حسية “Sensory Pits”، يتمكن من خلالها الإحساس بأي ذبذبة في الماء وتحديد مكان الفرائس بدقة.

احساس التمساح
منظر 2: خلايا حسية على سطح الفكّين.

لسان التمساح وفكّيه القويين🐊

على عكس ما يتناقل، فلدى التماسيح لسان، ولكنه ملتصق بالفك السفلى ولا يتحرك مثل أغلب الزواحف ويتميز بوجود غُدد ملحية تساعده في التخلص الأملاح الزائدة عند تواجده داخل المياه المالحة.

لسان التمساح
منظر 3: لسان التمساح ملتصق بالفك السفلي.

يتراوح عدد الأسنان داخل فك التمساح بين ٦٠ إلى ١١٠ في بعض الأنواع، والأسنان لها شكل مخروطي موزعة على الفكين بشكل متبادل بحيث عند غلقها على الفريسة يصعب جداً أن تفلت، كما تستبدل التماسيح أسنانها بشكل دوري كل عشرون شهراً.

عيون التمساح في الليل🐊

تنشط التماسيح ليلا ولذلك لديها قدرة عالية على الرؤية في أقل الظروف إضاءة كما أن عين التمساح تتميز بوجود جفن ثالث شفاف يتحرك بشكل أفقي ليساعد في تحسين الرؤية تحت الماء.

عيون التمساح
منظر 5: جفن ثالث شفاف

تتمركز العينين في منتصف الرأس بشكل بارز مما يساعدها في رؤية الفريسة بشكل أوضح، وعند الخطر، تنزل العيون داخل تجويف عظمي ويصبحون في مستوى سطح الرأس وغير بارزين لحمايتهم.

جلد التمساح🐊

الجلد الموجود في منطقة الظهر يوجد تحته صفائح عظمية على شكل مربعات متلاصقة تعمل كدرع قوى لحماية الأعضاء الداخلية لجسم التمساح.

ظهر التمساح
منظر 6: ظهر التمساح كدرع واقي له.

وهناك الصفائح العظمية التي تحتوي على شعيرات دموية تعمل على امتصاص الحرارة ونقلها داخل الجسم ولذا نرى التماسيح أثناء النهار نائمة على الأرض ليتعرض أغلب جسمها لأشعة الشمس وأحيانا مع فتح فمها، وهذه الحركة تساعدها على التهوية والتخلص من الحرارة الزائدة.

صفائح التمساح العظيمة
منظر 7: الصفائح العظمية لدرع التمساح.

سرعة التمساح في الماء وعلى البر🐊

التماسيح قوية جداً لكنها تتعب سريعاً، فلو بذلت مجهود واستمرت في ذلك دون أي راحة وتعويض الأكسجين الذي استهلكته، يحدث تسمم في الدم وقد تصيبها الوفاة.

سرعة التماسيح في الماء كبيرة بفضل الذيل القوي المليء بالعضلات بالإضافة إلى وجود بين الأصابع غشاء يجمع كل الأصابع مع بعضها، وعند فردهم، تتحول الأطراف إلى مجداف أثناء السباحة.

أما حركته على الأرض فهي سريعة قد تصل إلى١٠٠ كم/ساعة، لكن كما ذكرنا من قبل أن التمساح لن يستطيع الجري مسافة طويلة لأنه لابد أن يأخذ فترة راحة، كما أن سرعته على الأرض تقل مع زيادة حجمه.

تمساح يصطاد🐊

حاسة الشم قوية في التماسيح وفتحة الأنف موجودة في طرف الفك العلوي، كما تحتوي على صمامات لإغلاق الأنف بشكل كامل أثناء تواجد التمساح تحت الماء.

أنف التسماح
منظر 4: صمام الأنف يُغلق عند الغطس لمنع دخول الماء.

ولأن أغلب عمليات الصيد تحدث في الماء فإن التماسيح تستخدم لسان المزمار الموجود في نهاية الفك من الداخل لإغلاق فتحة الزور أثناء عمليات الصيد ومنع دخول الماء الذي قد يتسبب في غرق التمساح.

معدة التمساح قوية جدا وتهضم أي شيء، ولكن بشكل بطيء، بمعنى أنه لا يتطلب أن يأكل التمساح كل يوم، وفى بعض الظروف كفصل الشتاء مثلا يمتنع أو يقلل الأكل لتوفير الطاقة المهدرة في هضم الطعام واستخدامها في تنظيم درجة حرارته، وأيضاً التماسيح تبلع بعض الحجارة لتساعدها في الهضم والاتزان تحت الماء.

كلمة أخيرة

الكلام كثير عن طريقة التماسيح في التكيف مع مختلف الظروف البيئية والتعايش، لكنها لا تستطيع الصمود وفعل ذلك أمام الإنسان لأنه يتسبب في صيدها، والطلب عليها وتدمير بيئتها، ولذا أصبحت بعض أنواع التماسيح معرضة لمغادرة الكوكب نهائيا ً والانقراض.

لو وصلت لآخر الموضوع الشيق فأنا شاكر جداً لحٌسن المتابعة والموضوع القادم سنتكلم عن أنواع التماسيح ولماذا التماسيح مهمة ويجب المحافظة عليها؟

وأخيراً ما أغرب معلومة سمعتها عن التماسيح؟ وسنتأكد معاً ما إذا كانت تلك المعلومة صحيحة أم خُرافة، أنتظر تعليقاتكم 🙏.

بقلم عالِم التماسيح المصري عمرو هادي وصاغه إلى العربية كلاً من أميرة طارق، مصطفى وزة وراجعه أحمد جمال.

اترك تعليقاً

انتقل إلى أعلى