الحمض النووي “DNA” والمعلومات الوراثية من أكثر القضايا المطروحة على الساحة العلمية لأن ما توصلت إليه التكنولوجيا في ذلك المجال سيقلب مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة رأساً على عقب.
يسأل الكثيرين: لماذا لا يتنبأ الحمض النووي “DNA” والمعلومات الوراثية بمصيرك ومصير البشرية جمعاء؟
كم مرة سمعت شخصاً يستخدم الحمض النووي لشرح سمات وسلوكيات يعتبرها خارجة عن سيطرته؟
علم الوراثة اللاجيني
إذا كُنت تواجه تحدياً سخيفاً حول الصفات الموروثة، فربما تلقي اللوم على عدم قراءة خريطة تركيبة حمضك النووي.
أو ربما تُشير إلى أسنان والدك وتقول لماذا هي مُرتبه بهذا الشكل والحجم بالرغم من أن ذلك واضح في جيناته.
الأمثلة السابقة كانت سخيفة قليلاً، ولكنها تجعلك تتساءل: هل قرر الحمض النووي مصيرنا، شكلنا، مهاراتنا أو حتى أمراضنا؟ كيف تُعبر جيناتنا عن نفسها؟
إذا خمنت أن مصيرك يعتمد أكثر على حمضك النووي، فأنت بحاجه إلى معرفه بعض المعلومات الهامة.
ما هو الحمض النووي؟
يحتوي الحمض النووي الريبوزي “DNA” على كل المعلومات الوراثية التي تنسج الجزء الرئيسي في الخلية.
أيضاً يحتوي على المعلومات الأساسية المتناقلة عبر الأجيال، وأقل تغير بسيط في تسلسله أو ترتيبه يتسبب في ظهور الطفرات وتغيير أعراق وأجناس بأكملها.
هُناك أربعة أنواع أساسية من القواعد البروتينية المكونة للحمض النووي:
- الأدنيين.
- السيتوزين.
- الجوانيين
- والثايمين.
لدى البشر ما يقارب من 3 مليار قاعدة بروتينية، وأكثر من 99% منها مُتطابقة عند جميع البشر.
لذا كيف نختلف عن بعضنا في الصفات والملامح والأجساد والمهارات التي تميز كل فرد؟
ضمن تلك المليارات من القواعد البروتينية يوجد حوالي 20 ألف جين مُختلفين، كما تعطي بعض الجينات تعليمات مُحددة للخلايا لصُنع جزيئات من البروتين الذي يقوم بأغلب الوظائف الحيوية داخل الجسم.
الجينات هي المحور البيولوجي الرئيسي المؤثر على تنظيم وصيانة كل شيء يحدث داخل جسدك مثل بناء العظام، وحركة العضلات وصولاً إلى نبض القلب، فالجينات شفرات والخلايا تقرأ تلك الشفرات وتنفذها.
كل ذلك يجعل جسدك يبدو وكأنه جاهز للعمل بشكل دائم مُنذ لحظة الولادة.
أحد العناصر المُهمة التي لم نتحدث عنها بعد هي كيفية تأثير البيئة المُحيطة والعوامل الخارجية على طريقة قراءة الخلايا للجينات؟
تغييرات الحمض النووي DNA
أحد أنواع التغيير اللاجيني في الحمض النووي “DNA” هو القيام بإضافة “مجموعة ميثيل” على جزء من الحمض النووي بحيث تمنع الخلايا من قراءة أو ترجمة الجينات.
وبالتالي يتوقف تصنيع البروتينات المتعلقة بذلك الجين بسبب إبطال عمله بواسطة مجموعه الميثيل المُرتبطة بالحمض النووي.
تغيرات علم الوراثة اللاجيني
يُمكن أن تحدث التغيرات الجينية بسبب العوامل البيئية التي نتعرض لها مثل التدخين، الطعام، الصدمات وغيرها من الأشياء الاخرى التي نتعرض لها كُل يوم.
الشيء السيء هو إمكانية تناقل التغيرات الجينية عبر الأجيال القادمة وقابليتها للتوريث، لذلك أي تعديل لن يكون في حمضنا النووي فقط، بل في كل الأحماض النووية القادمة.
أحد الأمثلة المفضلة على قلبي هو التلاعب بالحمض النووي لتحديد جنس السلاحف.
نعلم أن درجة الحرارة تُحدد ما إذا كانت السُلحفاة ستصبح ذكراً أم أنثى، وبالتأكيد الأمور الكامنة خلف ذلك هي جينات تتأثر بالحرارة.
تؤثر درجة الحرارة على الجين الذي يتحكم في تحديد الجنس الرئيسي للسلحفاة وذلك على عكس البشر، حيث ينشأ الاختلافات بين الجنسين بسبب “كروموسومات X و Y”.
حاضر ومستقبل علم الوراثة اللاجيني
هناك احتمالات وفيرة في علم الوراثة اللاجيني وقدرته على تغيير مستقبل الصحة العالمي وتأثيره على كل شيء بداية من الطعام الذي نتناوله حتى تحديد أوقات النوم.
كل ذلك يمكن حدوثه وقابل للتطبيق لأن علم الوراثة اللاجيني لديه قدرة التعديل في كيميائية المعلومات الوراثية بحيث يمكن تنشيط جينات مُحددة أو إيقاف أخرى.
ينمو مجال علم الوراثة اللاجيني بسرعة فالباحثون عاكفون على الطريق الذي يمكن علاج بل إيقاف الإصابة ببعض الأمراض المزمنة والاضطرابات السلوكية المُختلفة.
كلمة أخيرة
علم الوراثة اللاجيني ما زال حديثاً بعض الشيء لذلك نحتاج للتحلي بقليل من الصبر حتى نحصل على إجابات قاطعة لم نعثر عليها في علم الوراثة.
الكثير يغفل عن حاجة العلماء أحياناً إلى عينات كثيرة لتحديد الجينات التي تؤثر على أحد الأمراض مع تناسي أن البحث الوراثي بطيء بعض الشيء بسبب حاجته إلى تقنيات دقيقه ومتطورة.
تذكر بأن الحمض النووي البشري يتشابه بنسبة 99% بين البشر وبعضهم، بينما يتشابه مع الفئران بنسبة 85%، ومع الموز 41%، ومع ذباب الفاكهة بنسبة 40%.
- Why Your DNA Doesn’t Predict Your Destiny، من موقع “science.howstuffworks.com”، تم الاطلاع عليه في 25-8-2021.
- What is DNA، من موقع “medlineplus.gov”، تم الاطلاع عليه في 25-8-2021.
هو علم يبحث في سلوك الكائن الحي والبيئة المحيطة به وتأثيرها على الجينات والوظائف الداخلية من الجانب الوراثي، ويسمى أيضاً بعلم التخلق أو ما فوق الجينات لأنه يساهم في إمكانية تثبيط الجينات والوظائف المسؤولة عنها دون تغير ترتيب الحمض النووي.