الابتكار في علم الغواصات

الابتكار في عالم الغواصات: من التصميم إلى الطاقة المستدامة

تُجسّد الغواصات إنجازًا هندسيًّا وتكنولوجيًّا يعكس عمق الإبداع البشري في استكشاف عوالم البحار الغامضة، مما يجعلها أداة استراتيجية للدفاع والبحث والاستكشاف.

تاريخ الغواصات

١. البدايات التاريخية للغواصات: في عام 1578 صمم الإنجليزي ويليام بورن نموذجًا أوليًا لغواصة، وكان التصميم عبارة عن قارب خشبي مغلق مغطى بالجلد، لكن من غير المعروف ما إذا قد تم بناء الغواصة أم لا.

أول بناء مؤكد لغواصة يعود إلى عام 1620م، مع غواصة صممها وصنعها كورنيليس دريبل، وهو هولندي في خدمة الملك جيمس الأول ملك إنجلترا. وبين عامي 1624 و 1630 م، اختبرت نسختين محسنتين في نهر التايمز.

نموذج أولي لغواصة
منظر1: نموذج أولي لغواصة[المصدر]

وفي وقت لاحق من ذلك القرن، قام الفرنسي دينيس باين بتصميم وبناء غواصتين، الأولى ذات شكل مربع، والثانية ذات شكل بيضاوي، كلاهما مصنوع من المعدن.

ولم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ العديد من المخترعين في تسجيل براءات اختراع لتصميماتهم الخاصة، وكان من الواضح أن الغواصات يمكن أن يكون لها تطبيق عسكري.

2. تطور الهياكل والمواد:

في بداية اختراع الغواصات استُخدمت مواد أساسية كالخشب والجلد في بنائها، لكن مع تطور الغواصات اُستخدم الفولاذ للهياكل الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى استخدام النحاس والألمنيوم والزجاج في بناء العناصر الأخرى مثل خزانات الصوت والمراجل.

تطورت المواد المستخدمة بمرور الوقت لتشمل أيضًا البلاستيك والألياف الزجاجية في الهياكل الحديثة للغواصات النووية، لتحقيق أداء وكفاءة أفضل.

أنواع الغواصات

1.غواصة يدوية: جميع الغواصات التي صنعت في التاريخ المبكر كانت تعتمد على الطاقة البشرية عن طريق تحريك المجاديف.

غواصة يدوية
منظر2: غواصة يدوية [المصدر]

2.غواصة ميكانيكية: كان التقدم الكبير في تاريخ الغواصة هو تحريكها بواسطة القوة الميكانيكية ، في البداية أُستخدم الهواء المضغوط كوسيلة لدفع الغواصة، ومع بدايات القرن العشرين أصبح الدفع بالديزل والكهرباء هو وسيلة الدفع في معظم الغواصات.

3.الغواصات النووية: الغواصة النووية هي غواصة تعمل بواسطة مفاعل نووي على متن الغواصة، طُورت أول غواصة نووية بواسطة البحرية الامريكية.

غواصة نووية
منظر3: غواصة نووية [المصدر]

وتتمتع هذه الغواصات بالعديد من المزايا مقارنة بالغواصات التقليدية من حيث أنها مستقلة عن الأكسجين، ولا تحتاج أبدًا إلى التزود بالوقود خلال عمرها المتوقع البالغ 25 عامًا.

4. غواصات الغوص العميق: تشكل الأعماق القصوى تحديًا حتى بالنسبة للغواصات العسكرية المتطورة، لذلك طُورت هذه الغواصات  للاستكشاف العلمي للأعماق القصوى لأعمق أجزاء المحيطات.

عادة ما تكون الغواصات صغيرة ومدمجة ولا تتسع إلا لطاقم مكون من شخص واحد أو شخصين، كما تحتوي على أذرع آلية لأخذ العينات من العمق، وعدد كبير من الأضواء للعمل في الأعماق المظلمة.

غواصة الأعماق
منظر4: غواصة الأعماق [المصدر]

5.الغواصات العسكرية: تمثل الغواصات العسكرية أداة استراتيجية بالنسبة للدول التي تمتلك حدود ساحلية كبيرة، وتختلف فئات الغواصات العسكرية اعتماداً على مصدر الطاقة وقدراتها والغرض المقصود منها.

غواصة عسكرية
منظر5: غواصة عسكرية [ المصدر]

تكنولوجيا الغواصات

قبل التعرف على التكنولوجيا المستخدمة داخل الغواصة سنكتشف أولا كيف تعمل الغواصة؟

 تُبنا الغواصات بشكل مختلف قليلاً عن السفن التي تطفو على سطح الماء ، فلكي تبقى الغواصة مستقرة يجب المحافظة على حالة تسمى القطع، وهذا يعني أن الوزن يجب أن يكون متوازنًا تمامًا في جميع أنحاء السفينة بأكملها، فلا يمكن أن يكون خفيفًا جدًا أو ثقيلًا جدًا في الخلف أو في الأمام.

1.خزانات القطع: يجب على طاقم الغواصة العمل بشكل مستمر للحفاظ على توازن الغواصة عن طريق خزانات تسمى خزانات القطع، واحدة للأمام والأخرى للخلف وتعمل هذه الخزانات عن طريق السماح بإضافة الماء أو طرده منها حسب الحاجة.

2.التحكم في التوجيه: بمجرد أن تصبح الغواصة تحت الماء، تُستخدم عنصري تحكم للتوجيه، تتحكم الدفة في الدوران من جانب إلى آخر أو الانعراج، وتتحكم طائرات الغوص في ارتفاع الغواصة وهبوطها، أو درجة ميلها.

أنظمة التحكم داخل الغواصة
منظر 6: أنظمة التحكم داخل الغواصة [المصدر]

3.نظام الدفع: يقع نظام الدفع في الجزء الخلفي من الغواصة، ويُوزْع الدفع على جزئيين رئيسيين

1.محرك الدفع الكهربائي الرئيسي: يقع في الحجرة الأولى من محطة الدفع و يتم تشغيله بواسطة الطاقة الكهربائية التي تنتجها البطاريات. 

2.محرك التحمل: في ظروف الإبحار العادية، تعمل الغواصة على أوضاع سرعة مختلفة لمحرك الدفع الرئيسي، ومن أجل زيادة قدرة الغواصة على التحمل، تحتاج الغواصة إلى الاقتصاد في استهلاك الوقود لذلك يتم تشغيل محرك التحمل.

4.أنظمة الرادار: تستخدم الغواصة أنظمة الرادار للكشف عن السفن وأي جسم سطحي آخر، وبما أن موجات الرادار لا يمكنها الانتشار في الماء، يتم رفع هوائي الرادار من خلال سارية الرادار فوق سطح الماء .

مستشعرات الرادار في الغواصة
منظر7: مستشعرات الرادار في الغواصة [المصدر]

الابتكارات المستقبلية

1.الواقع الافتراضي: يستخدم مصممو الغواصات المعاصرون الواقع الافتراضي الذي يمكّن المصمم من الحصول على جولة افتراضية للغواصة في بيئة مغمورة بالماء، وإجراء تحسينات على التصميم والتخطيط وقابلية الصيانة وإمكانية الوصول ، وهذا من شأنه أن يغير مفهوم تصميم الغواصات في المستقبل.

تصميم الغواصة عن طرق الواقع الافتراضي
منظر 8: تصميم الغواصة عن طرق الواقع الافتراضي[المصدر]

2.قدرات الكشف تحت الماء: استطاع العلماء تطوير تقنيات كشف جديدة لا تعتمد على الضوضاء التي تصدرها الغواصات مما قد يجعل عمليات الغواصات التقليدية المأهولة أكثر خطورة في المستقبل. 

كانت هذه التقنيات البديلة معروفة منذ عقود، ولكن لم يتم استغلالها لأن معالجات الكمبيوتر لم تكن سريعة بما يكفي لتشغيل النماذج اللازمة لرؤية التغيرات الصغيرة في البيئة الناجمة عن غواصة هادئة واليوم، تُمكن “تحليلات ومعالجة البيانات الضخمة” القوات البحرية المتقدمة من تشغيل نماذج متطورة لاستغلال تقنيات الكشف هذه.

الخاتمة

كان الدافع الأول للبشر لاختراع الغواصة هو استكشاف عالم البحار الغامض بالنسبة لهم، ولكن مع مرور الزمن أصبحت للغواصات اعتبارات أخرى، فانتقلت من كونها بناء خشبي صغير الى منشئه عملاقة يمكنها الغوص في الأعماق عشرات السنين بلا هوادة.

المصادر

1.The History of Submarines، من موقع thecollector، أُطلع عليها بتاريخ24-8-2023.

2.Constructing a Nuclear Submarine، من موقع azom، أُطلع عليها بتاريخ 24-8-2023.

3. Different Types of Submarines Explained، من موقع lemonbin، أُطلع عليها بتاريخ 26-8-2023.

4.Different Systems on a Naval Submarine، من موقع marineinsight أُطلع عليها بتاريخ 27-8-2023.

5.Emerging Technologies for Submarines of the Future، من موقع spsnavalforces

أُطلع عليها بتاريخ 29-8-2023

اترك تعليقاً

انتقل إلى أعلى